أرخبيل المواجع
محمد حسام الدين دويدري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما كُنتُ في هَجرِ الأَحِبَّة أُسْعَدُ=فالسيرُ في قَفرِ النَوى لا يُحْمَدُ
مَنْ قالَ إَنِّي ضِقتُ ذَرعاً بالهوى=وَ أنا الذي في حُبِّهِ يتَوَحَّدُ
وَ الحُبُّ عِنْدِي طائرٌ عَرَفَ الندى=يَسْبيه عطرُ الصبح ِ وَهوَ يُغَرِّدُ
تسري بيَ الدُنيا فأُطْرَبُ للجما-=ل ِ مُسَبِّحَاً؛ بَلْ شاكِرَاً أَتَوَدَّدُ
ما كُنتُ أَرجو البعدَ عن أَرضِ السَنا=لكِنَّ قلبي مُكْرَهٌ وَ مُقَيَّدُ
في غابةِ الأقدارِ كَمْ غابت رُؤىً=أنفاسُها الظمأى سَباها المَوعِدُ
حَارَتْ ؛ وَ في بُعْدِ الرَحيلِ تبدَّدَتْ=كالنور يَخطفهُ الظَلامُ الأَسْوَدُ**=**
يا أَرضَ مَكَّةَ كَمْ حَلمتُ بِطِيبِها=تِلكَ الرُبُوعُ ؛ فليتَ هَجْرَكِ أَبعَدُ
غَضٌّ ، غَضِيْضُ الطَرْفِ قلبي ؛ إنَّما=في حُبِّ أَحمَدَ بالخَلائِقِ يَزْهَدُ
صَلَّى عَليكَ الله يا أملَ الوَرَى=فَهُدَاكَ باقٍ ، خالِدٌ ، مُتَجَدِّدُ
قَدْ فَازَ مَنْ سَلَكَ الطريقَ إِلى التُقى=وَ طَرِيقُ وَصلِكَ سَالِكٌ وَ مُعَبَّدُ
في كُلِّ شَيءٍ للخَلائِقِ شاهِدٌ=فاظفَرْ بِطِيبِ العَيشِ حُرَّاً تَرْشُدُ
مَنْ يَسْأَلِ الرَحمنَ يُؤتَ سُؤلَهُ=ما خَابَ عَبْدٌ تَائِبٌ مُتَعَبِّدُ
الله مُبدِعُ كُلَّ شَيءٍ …؛ فَضْلهُ=غَطَّى شَعَابَ الكَوْنِ وهوَ الأجْوَدُ
هُوَ أَوَّلٌ ؛ هُوَ آخِرٌ ؛هو خالقٌ=وَهوَ الإلهُ الحَقُّ ؛ وَ هوَ الأَوحَدُ**=**
مَنْ يُمسِك الحَبْلَ المَتينَ مُنَعَّمٌ=وَ أَخو الجَهالةِ في جَهَنَّمَ يُحْشَدُ
لا تَحسَب العَيشَ الرغيدَ مُخَلَّداً=فالعَيشُ في الإيمانِ لَهُوَ الأَخْلَدُ
أيَظُنُّ أَهلُ الغَدرِ أَنَّ سِهَامَهُمْ=في صَدرِنا العارِي لَسَوفَ تُعَرْبِدُ
يَتَوَهَّمونَ ؛ وَ لَيسَ ذلِكَ هَيِّنَاً=فَالمُؤمِنُ الحَقُّ المُطَهَّرُ يَصمُدُ
ليسَ الخُنوعُ خَلاقَنا؛ فَدَع الصَدى=وَ انهَلْ رَحِيْقَ العِزِّ ؛ فَهوَ الأَحمَدُ
إيمانُنَا يُثري عَزائمَنا التي=في ظِلِّ هَديِ اللهِ سَوفَ تُؤَكَّدُ
نحنُ الأُباةُ الطالعينَ إِلى العُلا=فَكَأَنَّنا شَمْسٌ تُضيءُ وَ تُرْشِدُ
ما ضَرَّنا ما يُضْمِروه ؛ فَغَدْرُهُمْ=ينأَى بنَصرِ الله ؛ بلْ يتبَلَّدُ
إذ نَصطليهِ بعَزمِنا فكَأَنَّما=يَجْتَرُّ ثَورَتَهُ كَكَلبٍ يُجْلَدُ
إنْ يَبعَثوا مِنْ كُلِّ حَدٍّ حِقْدَهُمْ=فَحَصادُهُمْ غَيظٌ بَدا يَتَأَبَّدُ
**=**
يا أَرضَ طيبَةَ … طَهِّرِينا … إِنَّنا=جِئناكِ جَمْعَاً في رِحابِكِ نَعبُدُ
للهِ نخلِصُ في العِبادَةِ ؛ دَأبُنا=إحقاقُ شَرْعِ اللهِ لا نَتَرَدَّدُ
مُستَنصِرينَ بهَديِ دِينٍ خالِدٍ=يُزكي النفوسَ ؛ فَيَلْتَقِيها السُؤددُ
شُمُّ الأُنوفِ ؛ وَ فَوقَ جَبهَةِ عَزمِنا=اللهُ رَبٌّ … وَ النَبيُّ مُحَمَّدُ
يا رَبّ صَلِّ على المُرَجَّى ما سَعَتْ=أُمَمُ السَلامِ إلى حِيَاضِكَ تَسْجُدُ
يا رَبّ … وَ اجعَلنا نَهِيْمُ مَحَبَّةُ=بالخَيرِ وَ البُشْرَى ؛ فَأَنتَ المُنجِدُ
أَنتَ السَلامُ العَدْلُ ؛ أَنتَ مُهَيْمِنٌ=فَوقَ الجَميعِ … وَ أَنتَ أَنتَ السَيِّدُ
إنِّي أَبوءُ بِما حَمَلْتُ ، وَ أَشتَكِي=أَيِّدْ بِنَصْرِكَ أُمَّةً تُسْتَعْبَدُ
فَبِغَيْرِ نَصرِكَ لا خَلاصَ لَها ؛ وَ لَنْ=تَلقى رِكابَ المَجْدِ ، أَنتَ المَقْصَدُ
**=**
يا رَبّ … إِنِّي قَدْ أَنَبتُ ؛ وَ إنَّنِي=في نورِ عَدلِكَ ضارِعٌ ؛ مُسْتَنْجِدُ
رُحماكَ إنِّي قَدْ ظُلِمْتُ ؛ وَ هاجَني=غَدْرُ العُداةِ ، وَ ذاكَ قَلبي يُطْرَدُ
شَدُّوا وِثاقَ العَيشِ فَوقَ رِقابِنا=يَبغونَ وَأدَ الحَقِّ وَ هوَ الأَعنَدُ
سَرَقوا السيوفَ وَ كَبَّلونا بالصَدى=وَ تَعاوَروا أطفالَنا ؛ وَ تَمَرَّدوا
لا شيءَ يَردَعُ ظُلمَهُمْ ؛ فَحُشُودُهُم=في وَجْهِنا سَيْلٌ يَفورُ ، وَ يُزْبِدُ
قُرآنُنَا شَهِدَ اندِفاعَةَ حِقدِهِمْ=وَ المَسجِدُ الأَقصى بِحُزْنٍ يَشْهَدُ
لَكنّنَا بِتْنا نَعُضُّ شِفاهنا=وَ نُصيخُ بالسمعِ السَقِيمِ وَ نَكْمُدُ
ترنو الخُيولُ إِلى نِجاد سيوفنا =فَتَصُبُّ حَسْرَتَها دَمَاً يَتَوَقَّدُ
نامَ الجُنُودُ وَ تَحْتَ يافِطَةِ السَلا -=مِ غَدَتْ مَعَاقِلُهُمْ تَذُوبُ وَ تَلْبُدُ
فَتطاوَلَ الغَدْرُ المُحَصَّنُ بِالغِوى=في ظِلّلِِّ " عالَمِنا الجَدِيدِ " يُصَعِّدُ
وَضَعوا الوِشاحَ على العُيونِ ؛ فلا يُرى=ضَوءٌ وَ ذا بابُ الحقيقَةِ يُوصَدُ
في حَضرَةِ " الفيتو " المُلَطَّخِ أَوهَمُوا =تِلكَ الشُعُوبِ بِعَدلِ مَنْ يَتَفَرَّدُ
سَرَقوا الحَصادَ , وَ أَحرَقوا رِئةَ الهَوا -=ءِ ، وَ أَسْرَفوا في الغِيِّ ، ثُمَّ تَوَعَّدُوا
سَرَقُوا المِياهَ ، وَ شَوَّهوا حتّى النَدى=وَ تَقَاسَموا الشَرْقَ العَتِيْدَ ؛ وَ نَكَّدُوا
هذا يقولُ : " شَراكَةٌ " ، بَلْ ذا يَقولُ:=" تَوَحُّدٌ وَ تِجَارَةٌ لا تَنْفَدُ "
وَعَدوا بِوَهْمٍ خادِعٍ ؛ فَتَمايَلَتْ=لَهُم الأُنوفُ ؛ وَ كَمْ تَعالى المقعدُ
وَ تَسَارَعَ القَوْمُ العِظامُ إلى الصَدى=مَدُّوا إلَيهِم أَذرُعَاً تَتَعَدَّدُ
يَتَوَهَّمونَ الفَوزَ تَحتَ غِطائِهِمْ=بنعيمِ سِلمٍ في الرَخاءِ يُنَضَّدُ
وَ المَسْجِدُ الأَقصى يُهَدِّئُ جُرحَهُ=بالأُمنِياتِ البيضِ ؛ وَ هُوَ يُمَجِّدُ
يَنعِي إلى الرَبْعِ الشَهيدَ ؛و يَشتَكي=للهِ هَجرَ بَنيهِ وَ هو المُبْعَدُ
تَرَكوا الجِيادَ ؛ وَ في المَخالِبِ طِفلَةٌ=في حُضنِها حَجَرٌ وَ دَمعٌ يَعْضُدُ
تَرنو إلى صُحَفٍ تَعاوَرَها العِدى=فَتَثورُ ثَورةَ فارِسٍ لا يَرْتَدُ
لَكَأَنَّها نَسْرٌ يَشُقُّ بِعَزْمِهِ=عُلوَ السَحابِ بِقُوَّةٍ لا تُجْحَدُ
وَ تَرى الجنُوبَ مَعَاقِلاً وَ حَرائِقاً=في كُلِّ يَومٍ للمَرَارَةِ مَوعِدُ
يَصْطَافُ فيهِ الغَدرُ يَقنصُ أَهلَهُ=فَيَصُبُّ فيهِ السُمَّ ناراً تُرعِدُ
لِيَظَلَّ يَكلَؤُهُ الثُقاةُ بعَزمِهِمْ=وَ يُكَحِّلوه ؛ وَ بالخضابِ المِروَدُ
هَلْ يا جنوبُ غدَوتَ قَفْرَاً نائِياً=حتّى يَعَافَكَ بعضُ أَهلِكَ لِلعَدو
لا تَشرَبُوا نهرَ الخِداعِ فَسَيلُهُ=مُهْلٌ يُذِيبُ صُروحَنا وَ يُبَدِّدُ
فَبِأَيِّ سلمٍ يُطلِقونَ سِهامَهُمْ=وَ بأَيِّ عَدلٍ يَهرِفونَ " فَيَعْتَدوا "
**=**
يا قُدْسُ هذي مُقلَتَانا وَ اللُهى=عِندَ اللقا في يَومِ أُحُدٍ تُشْهِدُ
إنَّ المغانِمَ في الصمودِ حَصادها=وَ بِوَحدةِ الآمالِ سَيُضاءُ الغَدُ
يا رب أسبغ بالمحامد عيشنا=واجعل هُداكَ لنا الرشادَ فنولدُ
إنّا لنسألُ بالشفيعِ محمّدٍ=رفع البلاء وليلنا نتهجدُ
ماذا سيقرأُ مَن سيأتي بعدنا=من إرثنا وعَلامَ لانتوحَّدُ ؟
في وحدةِ الأيدي سنطمسُ ضعفنا=وسنغرسُ الآمالَ ما اقتطفت يدُ
يا رب أيقظنا بعفوك إنّنا=نرجو عطاءك رحمةً تتغمّدُ
إنّا إلى رُحماك نشكو ضعفنا=فتولنا باللطفِ لا نتهدّدُ
حملوا على دمنا فصبوا حقدهم=يبغون طعن ضميرنا ويقيّدوا
وتناثرت عبر السهوب سهامُهم=من كلِّ حدبٍ فوقنا تتقصّدُ
لولا جوارُك أتلفتنا نارهم=يبغون خرقَ العدلِ وهو الأصلدُ
إن ينصر الرحمنُ عزمَ عبادِهِ=لم يُغلبوا ،فليَحشدوا " ما يحشدوا "
كذبت جميع ظنونهم في جهلها=خسئت جميع فلولهم تتكبدُ
إني أمدُّ إليكَ كفَّ ضراعتي=متوسلاً ،بل أستعين فأُرفَدُ
أضنى فؤادي أنني في جنَّة ال- =إسلامِ لكن منجلي لا يَحْصُدُ
فالبعض يبني عزَّةً من حنظلٍ=فيها الخداع كرشق سهمٍ يُغْمَدُ
والبعض يلهو بالسفاسف،والدُنى=تُدمي قلوباً لا تحب و تحقد
عطشى ، وتحمل ماءها بشمالها=تزهو بطيب العيش وهو الأربد
سكرى تُرجِّع في الخفاء حنينها=لسحائب الأمجاد وهي تبدد
فإذا سباها في الربيع أريجُه=سدَّت خياشمها فلا تتأكّدُ
وإذا علا في الليل صوت حنينها=تنهار في دمعٍ يموج و يرعد
لتعود ،والرحمن يقبل توبها=فهو الغفور ، وعفوه لا يُلحَدُ
**=**
حبل الأخوّة قطّعَتْ أوصاله=وحبائل الشيطان باتت تُنشد
فترى أخا الإنسان يبتدع الردى=تحت الشعارات التي هم أوجدوا
إسلامنا يسمو بدفء محبة=لا يحتويه من الجَهول تشدّد
لم يعرف الإسلامَ من حمل الردى =يسقيه للعُبَّاد وهو الأصيَدُ
**=**
أرسل سهامك حيث شئت فإنها=ستغيب في الأعماق حيث تُسدّد
حُسِمَتْ جميع الأمنيات فبعضها=يختان أفئدة النفوس ويُخْمِدُ
والبعض منها بالضياء مكلَّلٌ=عَذْبٌ طهورٌ من سناه العَسْجَدُ
فاجعل نصيبك مشرقاً ومشرِّفاً=وخذ الكرامة فالكرامة سَرمَد
و دَع المفاتن إنهنَّ طريق مَنْ=يسبيه جمع المال أو يتشرّد
فيضيع في خمر الغواية عمره=حتى ليغدو قاحلاً يتبلّدُ
لا شيء يرجى منه حتى أنه=عارٍ من الآمال وهي المورد
في كلّ يومٍ يجتبيه مفرّطٌ=فيذيقه من هول نارٍ توقَدُ
ليغوص في بئر المهانة حاملاً=وِزرَ المهانةِ ،ثم ليته يَصْعَدُ
حبل النجاة إذا أردت مهَّيأٌ=وقِوَامه عَدْلٌ وحب أغيَدُ
فالحب نبع الله ،بل قل ظلُّه=فهو الرحيم وبابه لا يوصَدُ
...................
من مج
موعة: أرخبيل المواجع. دار القلام العربي ٢٠٠٠