الخميس، 22 ديسمبر 2022

 أرخبيل المواجع

محمد حسام الدين دويدري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما كُنتُ في هَجرِ الأَحِبَّة أُسْعَدُ=فالسيرُ في قَفرِ النَوى لا يُحْمَدُ

مَنْ قالَ إَنِّي ضِقتُ ذَرعاً بالهوى=وَ أنا الذي  في حُبِّهِ يتَوَحَّدُ

وَ الحُبُّ عِنْدِي طائرٌ عَرَفَ الندى=يَسْبيه عطرُ الصبح ِ وَهوَ يُغَرِّدُ

تسري بيَ الدُنيا فأُطْرَبُ للجما-=ل ِ مُسَبِّحَاً؛ بَلْ شاكِرَاً أَتَوَدَّدُ

ما كُنتُ أَرجو البعدَ عن أَرضِ السَنا=لكِنَّ قلبي مُكْرَهٌ وَ مُقَيَّدُ

في غابةِ الأقدارِ كَمْ غابت رُؤىً=أنفاسُها الظمأى سَباها المَوعِدُ

حَارَتْ ؛ وَ في بُعْدِ الرَحيلِ تبدَّدَتْ=كالنور يَخطفهُ الظَلامُ الأَسْوَدُ**=**

يا أَرضَ مَكَّةَ كَمْ حَلمتُ بِطِيبِها=تِلكَ الرُبُوعُ ؛ فليتَ هَجْرَكِ أَبعَدُ

غَضٌّ ، غَضِيْضُ الطَرْفِ قلبي ؛ إنَّما=في حُبِّ أَحمَدَ بالخَلائِقِ يَزْهَدُ

صَلَّى عَليكَ الله يا أملَ الوَرَى=فَهُدَاكَ باقٍ ، خالِدٌ ، مُتَجَدِّدُ

قَدْ فَازَ مَنْ سَلَكَ الطريقَ إِلى التُقى=وَ طَرِيقُ وَصلِكَ سَالِكٌ وَ مُعَبَّدُ

في كُلِّ شَيءٍ للخَلائِقِ شاهِدٌ=فاظفَرْ بِطِيبِ العَيشِ حُرَّاً  تَرْشُدُ

مَنْ يَسْأَلِ الرَحمنَ  يُؤتَ  سُؤلَهُ=ما خَابَ عَبْدٌ تَائِبٌ مُتَعَبِّدُ

الله مُبدِعُ كُلَّ شَيءٍ …؛ فَضْلهُ=غَطَّى شَعَابَ الكَوْنِ وهوَ الأجْوَدُ

هُوَ أَوَّلٌ ؛ هُوَ آخِرٌ ؛هو خالقٌ=وَهوَ الإلهُ الحَقُّ ؛ وَ  هوَ الأَوحَدُ**=**

مَنْ يُمسِك الحَبْلَ المَتينَ مُنَعَّمٌ=وَ أَخو الجَهالةِ في جَهَنَّمَ يُحْشَدُ

لا تَحسَب العَيشَ الرغيدَ مُخَلَّداً=فالعَيشُ في الإيمانِ لَهُوَ الأَخْلَدُ

أيَظُنُّ أَهلُ الغَدرِ أَنَّ سِهَامَهُمْ=في صَدرِنا العارِي لَسَوفَ تُعَرْبِدُ

يَتَوَهَّمونَ ؛ وَ لَيسَ ذلِكَ هَيِّنَاً=فَالمُؤمِنُ الحَقُّ المُطَهَّرُ يَصمُدُ

ليسَ الخُنوعُ خَلاقَنا؛ فَدَع الصَدى=وَ انهَلْ رَحِيْقَ العِزِّ ؛ فَهوَ الأَحمَدُ

إيمانُنَا يُثري عَزائمَنا التي=في ظِلِّ هَديِ اللهِ سَوفَ تُؤَكَّدُ

نحنُ الأُباةُ الطالعينَ إِلى العُلا=فَكَأَنَّنا شَمْسٌ تُضيءُ وَ تُرْشِدُ

ما ضَرَّنا ما يُضْمِروه ؛ فَغَدْرُهُمْ=ينأَى بنَصرِ الله ؛ بلْ يتبَلَّدُ

إذ نَصطليهِ بعَزمِنا فكَأَنَّما=يَجْتَرُّ ثَورَتَهُ كَكَلبٍ يُجْلَدُ

إنْ يَبعَثوا مِنْ كُلِّ حَدٍّ حِقْدَهُمْ=فَحَصادُهُمْ غَيظٌ بَدا يَتَأَبَّدُ

**=**


يا أَرضَ طيبَةَ … طَهِّرِينا … إِنَّنا=جِئناكِ جَمْعَاً في رِحابِكِ  نَعبُدُ

للهِ نخلِصُ في العِبادَةِ ؛ دَأبُنا=إحقاقُ شَرْعِ اللهِ لا نَتَرَدَّدُ

مُستَنصِرينَ بهَديِ دِينٍ خالِدٍ=يُزكي النفوسَ ؛ فَيَلْتَقِيها السُؤددُ

شُمُّ الأُنوفِ ؛ وَ فَوقَ جَبهَةِ عَزمِنا=اللهُ رَبٌّ … وَ النَبيُّ مُحَمَّدُ

يا رَبّ صَلِّ على المُرَجَّى ما سَعَتْ=أُمَمُ السَلامِ إلى حِيَاضِكَ تَسْجُدُ

يا رَبّ … وَ اجعَلنا نَهِيْمُ مَحَبَّةُ=بالخَيرِ وَ البُشْرَى ؛ فَأَنتَ المُنجِدُ

أَنتَ السَلامُ العَدْلُ ؛ أَنتَ مُهَيْمِنٌ=فَوقَ الجَميعِ … وَ أَنتَ أَنتَ السَيِّدُ

إنِّي أَبوءُ بِما حَمَلْتُ ، وَ أَشتَكِي=أَيِّدْ بِنَصْرِكَ أُمَّةً تُسْتَعْبَدُ

فَبِغَيْرِ نَصرِكَ لا خَلاصَ لَها ؛ وَ لَنْ=تَلقى رِكابَ المَجْدِ ، أَنتَ المَقْصَدُ

**=**


يا رَبّ … إِنِّي قَدْ أَنَبتُ ؛ وَ إنَّنِي=في نورِ عَدلِكَ ضارِعٌ ؛ مُسْتَنْجِدُ

رُحماكَ إنِّي قَدْ ظُلِمْتُ ؛ وَ هاجَني=غَدْرُ العُداةِ ، وَ ذاكَ قَلبي يُطْرَدُ

شَدُّوا وِثاقَ العَيشِ فَوقَ رِقابِنا=يَبغونَ وَأدَ الحَقِّ وَ هوَ الأَعنَدُ

سَرَقوا السيوفَ وَ كَبَّلونا بالصَدى=وَ تَعاوَروا أطفالَنا ؛ وَ تَمَرَّدوا

لا شيءَ يَردَعُ ظُلمَهُمْ ؛ فَحُشُودُهُم=في وَجْهِنا سَيْلٌ يَفورُ ، وَ يُزْبِدُ

قُرآنُنَا شَهِدَ اندِفاعَةَ حِقدِهِمْ=وَ المَسجِدُ الأَقصى بِحُزْنٍ يَشْهَدُ

لَكنّنَا بِتْنا نَعُضُّ شِفاهنا=وَ نُصيخُ بالسمعِ السَقِيمِ وَ نَكْمُدُ

ترنو الخُيولُ إِلى نِجاد سيوفنا =فَتَصُبُّ حَسْرَتَها دَمَاً يَتَوَقَّدُ

نامَ الجُنُودُ  وَ تَحْتَ يافِطَةِ السَلا -=مِ غَدَتْ مَعَاقِلُهُمْ تَذُوبُ وَ تَلْبُدُ

فَتطاوَلَ الغَدْرُ المُحَصَّنُ بِالغِوى=في ظِلّلِِّ " عالَمِنا الجَدِيدِ " يُصَعِّدُ

وَضَعوا الوِشاحَ على العُيونِ ؛ فلا يُرى=ضَوءٌ وَ ذا بابُ الحقيقَةِ يُوصَدُ

في حَضرَةِ " الفيتو " المُلَطَّخِ أَوهَمُوا =تِلكَ الشُعُوبِ بِعَدلِ مَنْ يَتَفَرَّدُ

سَرَقوا الحَصادَ , وَ أَحرَقوا رِئةَ الهَوا -=ءِ ، وَ أَسْرَفوا في الغِيِّ ، ثُمَّ تَوَعَّدُوا

سَرَقُوا المِياهَ ، وَ شَوَّهوا حتّى النَدى=وَ تَقَاسَموا الشَرْقَ العَتِيْدَ ؛ وَ نَكَّدُوا

هذا يقولُ : " شَراكَةٌ " ، بَلْ ذا يَقولُ:=" تَوَحُّدٌ وَ تِجَارَةٌ لا تَنْفَدُ "


وَعَدوا بِوَهْمٍ خادِعٍ ؛ فَتَمايَلَتْ=لَهُم الأُنوفُ ؛ وَ كَمْ تَعالى المقعدُ

وَ تَسَارَعَ القَوْمُ العِظامُ إلى الصَدى=مَدُّوا إلَيهِم أَذرُعَاً تَتَعَدَّدُ

يَتَوَهَّمونَ الفَوزَ تَحتَ  غِطائِهِمْ=بنعيمِ سِلمٍ في الرَخاءِ يُنَضَّدُ

وَ المَسْجِدُ الأَقصى يُهَدِّئُ جُرحَهُ=بالأُمنِياتِ البيضِ ؛ وَ هُوَ يُمَجِّدُ

يَنعِي إلى الرَبْعِ الشَهيدَ ؛و يَشتَكي=للهِ هَجرَ بَنيهِ وَ هو المُبْعَدُ

تَرَكوا الجِيادَ ؛ وَ في المَخالِبِ طِفلَةٌ=في حُضنِها حَجَرٌ وَ دَمعٌ يَعْضُدُ

تَرنو إلى صُحَفٍ تَعاوَرَها العِدى=فَتَثورُ ثَورةَ فارِسٍ لا يَرْتَدُ

لَكَأَنَّها نَسْرٌ يَشُقُّ  بِعَزْمِهِ=عُلوَ السَحابِ بِقُوَّةٍ لا تُجْحَدُ

وَ تَرى الجنُوبَ مَعَاقِلاً وَ حَرائِقاً=في كُلِّ يَومٍ للمَرَارَةِ مَوعِدُ

يَصْطَافُ فيهِ الغَدرُ يَقنصُ أَهلَهُ=فَيَصُبُّ  فيهِ السُمَّ ناراً تُرعِدُ

لِيَظَلَّ يَكلَؤُهُ الثُقاةُ بعَزمِهِمْ=وَ يُكَحِّلوه ؛ وَ بالخضابِ المِروَدُ

هَلْ يا جنوبُ غدَوتَ قَفْرَاً نائِياً=حتّى يَعَافَكَ بعضُ أَهلِكَ لِلعَدو

لا تَشرَبُوا نهرَ الخِداعِ  فَسَيلُهُ=مُهْلٌ يُذِيبُ صُروحَنا وَ يُبَدِّدُ

فَبِأَيِّ سلمٍ يُطلِقونَ سِهامَهُمْ=وَ بأَيِّ عَدلٍ يَهرِفونَ " فَيَعْتَدوا "

**=**


يا قُدْسُ هذي مُقلَتَانا وَ اللُهى=عِندَ اللقا في يَومِ أُحُدٍ  تُشْهِدُ

إنَّ المغانِمَ في الصمودِ حَصادها=وَ بِوَحدةِ  الآمالِ سَيُضاءُ الغَدُ

يا رب أسبغ بالمحامد عيشنا=واجعل هُداكَ لنا الرشادَ فنولدُ

إنّا لنسألُ بالشفيعِ محمّدٍ=رفع البلاء وليلنا نتهجدُ

ماذا سيقرأُ مَن سيأتي بعدنا=من إرثنا وعَلامَ لانتوحَّدُ ؟

في وحدةِ الأيدي سنطمسُ ضعفنا=وسنغرسُ الآمالَ ما اقتطفت يدُ

يا رب أيقظنا بعفوك إنّنا=نرجو عطاءك رحمةً تتغمّدُ

إنّا إلى رُحماك نشكو ضعفنا=فتولنا باللطفِ لا نتهدّدُ

حملوا على دمنا فصبوا حقدهم=يبغون طعن ضميرنا ويقيّدوا

وتناثرت عبر السهوب سهامُهم=من كلِّ حدبٍ فوقنا تتقصّدُ

لولا جوارُك أتلفتنا نارهم=يبغون خرقَ العدلِ وهو الأصلدُ

إن ينصر الرحمنُ عزمَ عبادِهِ=لم يُغلبوا ،فليَحشدوا " ما يحشدوا "

كذبت جميع ظنونهم في جهلها=خسئت جميع فلولهم تتكبدُ

إني أمدُّ إليكَ كفَّ ضراعتي=متوسلاً ،بل أستعين فأُرفَدُ

أضنى فؤادي أنني في جنَّة ال- =إسلامِ لكن منجلي لا يَحْصُدُ

فالبعض يبني عزَّةً من حنظلٍ=فيها الخداع كرشق سهمٍ يُغْمَدُ

والبعض يلهو بالسفاسف،والدُنى=تُدمي  قلوباً لا تحب و تحقد

عطشى ، وتحمل ماءها بشمالها=تزهو بطيب العيش وهو الأربد

سكرى تُرجِّع في الخفاء حنينها=لسحائب الأمجاد وهي تبدد

فإذا سباها في الربيع أريجُه=سدَّت خياشمها فلا تتأكّدُ

وإذا علا في الليل صوت حنينها=تنهار في دمعٍ يموج و يرعد

لتعود ،والرحمن يقبل توبها=فهو الغفور ، وعفوه لا يُلحَدُ

**=**


حبل الأخوّة قطّعَتْ أوصاله=وحبائل الشيطان باتت تُنشد

فترى أخا الإنسان يبتدع الردى=تحت الشعارات التي هم أوجدوا

إسلامنا يسمو بدفء محبة=لا يحتويه من الجَهول تشدّد

لم يعرف الإسلامَ من حمل الردى =يسقيه للعُبَّاد وهو الأصيَدُ


**=**


أرسل سهامك حيث شئت فإنها=ستغيب في الأعماق حيث تُسدّد

حُسِمَتْ جميع الأمنيات فبعضها=يختان أفئدة النفوس ويُخْمِدُ

والبعض منها بالضياء مكلَّلٌ=عَذْبٌ طهورٌ من سناه العَسْجَدُ

فاجعل نصيبك مشرقاً ومشرِّفاً=وخذ الكرامة فالكرامة سَرمَد

و دَع المفاتن إنهنَّ طريق مَنْ=يسبيه جمع المال أو يتشرّد

فيضيع في خمر الغواية عمره=حتى ليغدو قاحلاً يتبلّدُ

لا شيء يرجى منه حتى أنه=عارٍ من الآمال وهي المورد

في كلّ يومٍ يجتبيه مفرّطٌ=فيذيقه من هول نارٍ توقَدُ

ليغوص في بئر المهانة حاملاً=وِزرَ المهانةِ ،ثم ليته  يَصْعَدُ

حبل النجاة إذا أردت مهَّيأٌ=وقِوَامه عَدْلٌ وحب أغيَدُ

فالحب نبع الله ،بل قل ظلُّه=فهو الرحيم وبابه لا يوصَدُ

...................

من مج


موعة: أرخبيل المواجع. دار القلام العربي ٢٠٠٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 فن التجاهل  يقولون أن التجاهل نصف السعادة وأنا أقول أن في التجاهل سعادةً كاملةً.. لأن التجاهل لغة العظماء فهو فن لا يقدر عليه إلا ذوي الشخص...