ابن البطّة السوداء
محمد حسام الدين دويدري
___________________
يُسَائِلُني؛ وَقدْ نَبَضَتْ عُرُوقي
بِفَيضِ الحُبِّ والوِدِّ الدَفيقِ:
"لِماذا تَسْلُكُ العَيشَ انْكِسَاراً
وَلا تَلْتَاعُ في سَلْبِ الحُقُوقِ
فَتَصبِرُ حينَمَا تُرْمَى بِجَهلٍ
وَتَكْرَهُ عُنْفَ أصْحَابِ العُقُوقِ
تُقابِلُ كُلّ مَنْ يَأْتِيكَ سَمْحَاً
وَلَوْ أَغْضَى بِأَلوانِ الحريقِ
بِثَغرٍ باسِمٍ في كُلِّ وَجهٍ
وإِنْ قُوبِلتَ بالخُلُقِ الصَفيقِ"
فَقُلْتُ: لَقَدْ خَبِرْتُ العَيشَ صُلْبَاً
بزِندٍ فاعِلٍ من غَيرِ ضِيْقِ
وَفَلْبٍ مُفْعَمٍ بالحُبّ حتّى
غَدا كالمُدْنَفِ العَذْبِ الرَقِيقِ
يُسَامِحُ كُلَّ خَلْقِ اللهِ, يَسْمُو
بِلا حِقْدٍ ولا جَهلٍ مُعيقِ
وعَلَّمَني رسولُ اللهِ أنِّي
بِمَا أخْلَصْتُ كالحُرِّ الطَليقِ
أُحَقّقُ غايتي لله عبداً
فأَحظى بالرِيَادَةِ والوثوقِ
فأَعْمَلُ مُخلِصَاً في كُلِّ جهدٍ
لأَحظَى بالثَوابِ وبالعُتوقِ
فقال: ”عَلامَ تَمْكُثُ في الزَوَايا
وَلا تَعلُو المَنَابِرَ في شُروقِ
وتَتْرُكُهُمْ يَرَونَكَ في صَغارٍ
بَعِيداً عَنْ مُعانَقَة البُرُوقِ
كمَا ابنُ الَبطَّةِ السَوداءِ يَمْضِي
طَرِيْدَاً في الفَلاةِ بلا رَفيقِ"
فَقُلتُ: كَذَاكَ يُسْعِدُني بَقَائِي
بِدَارِ العزِّ والصبرِ العتيقِ
سيذكرني من الأطهار قومٌ
سموا بالصدقِ. من أصلٍ عريقِ
أحبّوا العيش في سلمّ وعَدلٍ
بكلِّ تسامح القلب الشفيقِ
فلسْتُ مُداهِنَاً في كُلِّ أَمرٍ
وَلَسْتُ مُصَاحِبَاً أهْلَ الفُسُوقِ
أنا بنُ البَطّة السَوداءِ حَقّاَ
ولَنْ أَرْضَى التَوَرُّطَ في طَرِيقي
سَأَسْلُكُهَا بِكُلِّ العَمْدِ طُهراً
وَكُلِّ إِرادَةٍ تُزْكِي شَهِيقي
وأعمل مخلصاً في غرس أرضي
بنور الحبّ والأمل الحقيقي
ومَن عاشَ الحياة على نفاقٍ
لسوفَ يذوقُ آخرةَ النفوقِ
.................
حلب الاثنين ١١/٢/٢٠١٩
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق