بعيداً عن كلِّ شيءٍ أحبك
------------------------------------------------------
بَعِيدًا عَنِ الوَطنِ الذِي
لاَ وطَنا لنَا فيهِ
وبَعِيدًا عَنْ الحُلمِ المَسكُوب
عَلى جسُورِ الغَدرِ
وبَعِيدًا عَنْ جُثثِ السِنين
المُتسَاقِطةِ من أوراقِ العُمرِ
وبَعِيدًا عَنْ قَتلِ الحُبِّ فِينَا
ومُحَاصرة خيوطِ الفَجرِ
وعَمَّا أُخفِيهِ في نَفسِي
وعَمَّا يَشُقُ صَدري
وبَعِيدًا عَمَّا تَحمِلُهُ مُقلتَاي
كَسمَاءٍ في مواسِمِ المَطرِ
إنْي أحِبُكِ فَلا تَسألينِي
كَيفَ الحُبُّ في هذا العَصرِ
وكَيفَ يَكُونُ عِنَاقُ الطيورِ
وفي الأُفُق يَلوحُ الخَطر
وكَيفَ في حُزنِ الَليلِ نُسَافِرُ
في تَرنِيمَةِ القَمرِ
إني أُحِبكِ فَلاتَسألِيني كيفَ
عَادَ زَمَانُ الحَنين وكَيفَ مِنْ
رَحِمِ الحِقدِ يُولَدُ الشِعر
وكَيفَ رَغمَ
غُربَتِي أُسَافِرُ فِيكِ ويَروقُ
ويَروقُ لِي السَفرُ
بَعِيدًا عَنِ ارتعَاشة يَدِي
وعَن رَقصَةِ المَوتِ التي
أرقُصها بلا لَحنٍ بلا وتر
بَعِيدًا عَنِ الدِفءِ المَقتُولِ
تَحتَ الشِتَاء
وعَن طِفلٍ في صَدرِي أطَاحَ
بِهِ الشَّطُ في البَحرِ
وبعيدًا عَن مَاتحملهُ سطُوري
وبَعيدًا عَنْ أنْي فَرعٌ مُمتَدٌ مِنْ
أشجَارِ اليَأسِ والحُزنِ
وعَمَّا هوَ خَلفَ بَابي المَسنُودِ
بِجُثث الأمَاني
وزَهرُ الشبَابِ خَلفَهُ يقتُلهُ القَهرُ
إنْي أحِبُكِ
فَلَا تَسألِينِي كَيفَ عَشقتُكِ
رَغمَ هذا المَوتِ ورَغمَ الضياع
وأني أتَجَّرعُ
الهزَائمَ كَكَأسِ مَاء ولاَ أسْكَر
لاَ تُسألُ الشَمسُ عنْ مِيلادِ القَمَر
ولاَ يُسأل الليلَ عَن مِيلادِ الفَجرِ
لاتَسألينِي عَنْ صُنع اللهِ في قلبي
مَاذنبي إنْ كَانتْ عَيناكِ هيَ قَدري
بَعِيدًا عَنْ هذا الزمَان ومَافِيهِ
من صِراعَاتٍ ومِن حُروبٍ
ومِنَ الخِدَاعِ والعُهرِ
بَعِيدًا عَن ما يَدُورُ حَولَنَا
في كلِّ لَحظَةٍ ومَوتُ الأحيَاءِ قهراً
وكُلُّ المَواسِمُ أصبحت مواسمَ
حُزنٍ وخَطر
وبَعِيدًا عَنْ أنَكِ امرأةٌ لاتُحِبُّ
أنْ تَكُونَ مُجرَّدَ قَصِيدَةً أو
كَأساً مِنَ الخَمرِ
وأنَكِ دكتاتوريةٌ وعقلانيةُ
لاَتُحِب أنصَافَ الحلول
وتَحذرين أنْ يغْدو القَلبُ
مُنكَسراً عَلى أعتَابِ السَهر
فَلاتَسألِيني كَيفَ أُحِبُّ
دكتَاتُوريةً مُتَمَرِدَةً
إلى هذا الحَدِّ وفي دَمي تَجري
إني أحِبُكِ
لَيسَ اختيارٌ وليسَ قرارٌ
رَغمًا عَني وعَن حصُونِكِ
الحُبُ مُنتَصر
لاتسألي العَاشِقَ كيف عَشقَ
وغدا بعدَ نَعِيمٍ يَجلِدُهُ الشَوق
ويَجلدُهُ العَطش
لايُسألُ الطَيرُ أبداً في أي عُشٍّ
يَهدأ ويَنَامُ ولاَ تُسألُ السماء
لِمَاذا تَأتِينَا بِالمَطرِ
إني أحِبُكِ
فَدَعِيني أتَنَفسُ بينَ يَدَيك
وأُعَانِقُ فِيكِ مَاتَبقَى مِنَ العُمرِ
-------------------------
حسام الدين صبري/
/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق