قَصِيدَة ...امْرَأَة هزمها الْحَبّ
كُنْتُ أَنَا أَيُّهَا الْقَلْب
مِلْكِه مُتَوَجِّهٌ عَلَى عُرُوش الْحَبّ
فَا كَمْ مِنْ النَّظَرَات
عَلَيْنَا كُنَّا بيها لَا نَهْتَم
و كَمْ مِنْ كَلِمَاتِ الْغَزْل تُقَال لَنَا
بغمزات عيون ساحرات تَأْخُذ مننا الْأَلْبَاب
و نتوه في بحور لا شطئان لها و علي مينا لنا تائهين
فَا كُنَّا نسمعها و لَكِنْ لَا نَرُدّ
إلَيَّ أَنْ آتِيَ هَذَا الْمَعْشُوق
بِلِسَان مَعْسُولٌ
و عُيُون سُودٌ
بنبال سِهَامَهُم فِي الرموش
في الفؤاد صايبين
فَا هِي فينا ح تُصِيبُ
مِنْ غَيْرِ مَا عَلَيْنَا يبص المملوح
فَا عِنْدَمَا نَظَرَ إِلَيْنَا
فِي حَبِّهِ هُوَيْنا
كَا دَلْوٌ يَهْبِطُ فِي بِئْرٍ
و صَاحِبِه مُحَافِظًا عَلَيْه
لا من أيده يضيع
فَا يُنَزِّلُهُ فِي أَعْمَاقِه بِكُلّ رَفَق و حنين
فَا َبَا إذَا هَذَا الْمَحْبُوب
الْذيّ وَصِفَتُه أَنْتَ يَا قَلْبُ بالمعشوق
يَحِيك لِنا في المكائد و الشِّبَاك
و هِيَ فِي يَدِهِ كَا الْحَرِير
و مَهَّد لَنَا الطُّرُقَات
الَّتِي سا نسلكها مَعًا
فِي كُلِّ دُرُوب الْعِشْق
و هَمَس لَيْس فَقَطْ فِي أَذَانُنَا
بَلْ هُوَ فِي الْوِجْدَانِ
ليَسْتَقِرّ هنا جُنُبٌ الْقَلْب
بِكَلِمَات اِخْتِرَاعُهَا هُو
و لَمْ نَسْمَعْ بيها نَحْنُ
فِي أَيِّ كُتُبِ للعشق
و لَقَد انْتَصَر هُو
عَلَيَّ كُلُّ الشِّعَار
الَّذِين أَتَو مِنْ كُلِّ الْأَزْمَانِ
يخطبو فِينَا الْوُدّ بالأشعار
فا ألقو َبَا أَشْعَارِهِم عَلِيّ سُطُور الْأَلْبَاب
لنستمتع بيها نَحْنُ مَعَ كُلِّ سَطْرٍ لينا يقال
فَا َبَا إذَا هَذَا الْمَعْشُوق
يهزهم شَرّ هَزِيمَة بِمُجَرَّد لَمَسَت يَد
ليلمسك بيها أَنْت أَيُّهَا الْقَلْب
فَا سَرْح مِنِّي الْعَقْل
و سَهِرَت مِنِّي الْعُيُون لِغَايَة الْفَجْر
فَا اِهْتَزَّت لَه مَشَاعِر و أحاسيس
كَانَت بداخلي نَائِمَةٌ
كَأَنَّهَا تَنْتَظِرُ مِنْهُ هَذَا اللَّمْس
فَا كُنْتُ أَنَا أَيُّهَا الْقَلْب
مِلْكِه مُتَوَجِّهٌ عَلَى عُرُوش الْحَبّ
فَا بِاللَّيَالِي سهرنا
نناجي فِيهَا بَعْضُ
في خيال علي حيطان مرسوم
و هُو يشدو لَنَا أُنْشودَةٌ حُبّ
و نُشَاهِد نَحْن أقمارا فِي السَّمَا
لَيْس واحداً لَا وَ اللَّهِ لَكِنَّهُمْ أَرْبَعَة
وَاحِد خَلْقِه رَبِّي فَوْق فِي السَّمَا
لينير للسياره دروبهم
فِي اللَّيَالِي الحالكه الْمُظْلِمَة
و اثْنَيْن خَلَقَهُم رَبِّي
عُيُون فِي هَذَا الْوَجْهِ
لينيرو لِي دَرْب الْهُوِيّ و الجنون بيك
و الرَّابِع هُوَ ذَاكَ الْوَجْهِ
لنظل بيه سهارا طُول الْوَقْت
و لَمْ تَكُنْ الجَنائِن و الْبَسَاتِين
يحيطو بَيَّنَّا إلَيَّ أَنْ جَاءَ هَذَا الْعِشْوق
و شَتَل لَنَا مِنْ إِزْهَارٌ الْحَبّ
و وُرُودًا كَثِيرَةٌ الْأَلْوَان و الْإِشْكَال
و الْعَبِير يَتَطَايَر مِنْهَا
ليمليء لَنَا بيها الجَوّ
و رَنِين صَوْتَه كَا بَلَابِل
عَلِيّ الْأَشْجَار تشدو لَنَا
أَلْحَانٌ يُرَدِّدُهَا لِسَانِي
فَوْر مَا بيها أَنَا سَمِعْتُ
و أَحْضان يَذُوب مِنْهَا الثَّلْجُ
ثَلْج البعاد و الفراق
هُو كَا الْجِبَال فِي لَمْحَة بَصَر
يذوب و لا يبان
بِمُجَرَّدِ أَنَّ يأخذنا هُو بالاحضان
و قبلات بينا تَنْسَاب بَيْن الشِّفَاه
لَيْسَ لَهَا أَيْ شطئان
غَيَّرَ كُلَّ مَا بداخلي
مِن شَوْقٌ و حِرْمَان
و عِنْدَمَا تَنْتَهِي
جلستنا عَلِيّ ضِفاف نَهْر
هُو كَا الْعَسَل المسكوب عَلِيّ شفاهنا
لنعطي لِبَعْض الوعود
أَنَّنَا لِهَذَا النَّهْر نَعُود
و كَلِمَة وَدَاع فِي يَدِ و سَلَام
تَأْخُذ مِنَّا سَاعَات
لِتُنْقَل لكفوفنا حَرَارَة اللِّقَاء
إلَيَّ أَنْ لبيوتنا نَعُود
لِكَي يبداء حَالُنَا للاحضان يَحِن
و نَظَلّ هَائِمِين فِي غرفتنا
الَّتِي تَحَوَّلَت جُدْرَانِهَا
إلَيّ سُجِن موحش يؤلم وحدتنا
و لفراقه لَا نُطِيقُ
و نَقُولُ فِي همسنا
متي عَلَيْنَا هَذَا الْفَجْر يَطُل
كَي لأليه نطير
كَا الْمَلَائِكَةُ وَ الفرشات مَنْ حَوْلَهُ نحوم
و تهداء فِينَا
كُلّ جوانحنا و جَوَارِحِنَا
بِمُجَرَّدِ مَا عَلَيْنَا
يَظْهَر خَيَالٌ هَذَا الْمَعْشُوق
فَا كُنْتُ أَنَا أَيُّهَا الْقَلْب
مِلْكِه مُتَوَجِّهٌ عَلَى عُرُوش الْحَبّ
إلَيَّ أَنْ آتِيَ هَذَا الْيَوْمِ
كَا مُجْرِم فِي يَدِهِ سِكِّين
لَيَشُق بيها هَذَا الصَّدْر
الَّذِي حَضَن الْحَبّ و ضَمّ
و طَعْنُك بيها أَنْت أَيُّهَا الْقَلْب
و تَبَدَّلَت فِينَا الْأَسْمَاع
لَنَسْمَع مِن عزول و حَسُودٌ
أَن معشوقي اللَّيْلَةَ
لَيْلَةُ زِفَاف له
فَا أنْهَرَت و هَوَيْت أنا
فِي ذَاكَ الْبِئْر
و أَظْلَمَت مِن حوليا الدُّنْيَا
و لَم أَدْرِي مِنْ أَنَا و مَنْ هُمْ
و عَلِيّ فِرَاش الْمَرَض
أَنَا كَم سُنَّةٌ نَمَت
و أَنْت أَيُّهَا الْقَلْب ليما تَسْأَلُنِي الْآن
و تَسْأَل فَيْا هَذَا الْعَقْل
عَنْ أَسْبَابِ خِيَانَة و غَدَر
أَلَم نقراء مِنْ ذِي قَبْلُ
مِثْلِ تِلْكَ الْقَصَص
الَّتِي انْتَهَتْ بِالْقَتْل
لَيْس قُتِل الْأَبْدَان
بَلْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا كِمَّان
أَنَّهُ قَتَلَ حَبَّ فِي فُؤَادِ
و عَشِق فِي الْوِجْدَانِ
و مَشَاعِر تَهْتَزّ لَه هَز
و أحاسيس تنهم مِنْ نَهْرٍ حَبَّة
فَأكِرّ ذَاك النَّهْر الذي كنا ننهم مِنْه نُهْم
و البئر و الدلو و الحبل الذي كتفك بيه حبيبي الغالي
هَذَا هُوَ الْقَتْلُ
فَا أَصْبَحْتُ أَنَا بيك
أَنْت أَيُّهَا الْقَلْب
امْرَأَة هزمها الْحَب
مِنْ بَعْدِ مَا كُنْت أَنَا أَيُّهَا الْقَلْب
مِلْكِه مُتَوَجِّهٌ عَلَى عُرُوش الْحَبّ
=========
مَع تحيات شَاعِرٌ الْوِجْدَان
الشَّاعِر السكندري/علي الطَّاووس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق