( إِلى مَدِينَةِ السَّلامِ)
يَشِيخُ الزَّمانُ وَيَفْنَى الفَنا
وَيَرحَلَ حُزْنٌ وَيَأتِي الهَنا
وَتَسأَمُ مِن عُمرِها الرَّاسياتُ
وَفِيكِ قَوامَ الصِّبا ماانْحَنى
شَهِدتِ وِلادةَ هَذي الدُّنى
وقَبْلَكِ مااتَّخَذَت مَوطِنا
وَمِنكِ تَأَلَّقَ نُورُ الحُروفِ
فَشَعَّ الرُّقِيُّ وطابَ الجَنَى
بَقِيتِ عَلى الدَّهرِ (دارَ السَّلامِ)
بِرَغْمِ الجِراحِ وطُولِ العَنَا
تُحاصِرُكِ الذِّكرياتُ جُيُوشَاً
وَتُغرِي القُلوبُ بِكِ الأَعيُنا
أَيا قُدسُ كَمْ مَعبَدٍ فِي حِماكِ
يُذَكِّرُ عَهدَ مَلِيكٍ بَنَى
وَكَم مِن مَسارِبَ تُفضِي إِلى
مَطالِعِ فَجْرٍ عَرِيقِ الغِنَى
تَطوفُ حَوالَيكِ لِلأَنبِياءِ
الظِّلالُ ولِلْأَتقِياءِ المُنَى
كَأَنَّكِ مَعشُوقَةٌ لِلسَّماءِ
فَكُلُّ مَلاكٍ عَلَيكِ انْثَنَى
غَدَوتِ (بِعِيسى ) وإِنجِيلِهِ
سِراجَ الوِدادِ وَدَربَ الضَّنَى
وَكَمْ نالَ مِنهُ قُساةُ القُلُوبِ
وَكَمْ حَطَّموا لِلْهُدَى أَغْصُنا
فَما صَدَّهُ عَنْ هُداهُ الأَذَى
ولا عَادَ عَنْ حُلْمِهِ مُوهَنَا
وَكُنْتِ لِإِسلامِنا قِبْلَةً
نُوَجِّهُ -أَمْراً- لَهَا وَجْهَنَا
بِشَوقٍ وَمَكةُ بَيْتٌ حَرامٌ
وَمَهْبِطُ وَحيٍ وَمَجلَى سَنَا
ومِنكِ ارتَقى (أَحمَدٌ) لِلْسَّماءِ
فَخَلَّفَ رَمْزاً بِهِ كَم عَنَى
بَقِيتِ على الدَّهرِ مَطمَعَ غَازٍ
وَلَهْفَةَ قَلْبِ مُحِبٍّ دَنَا
فَراعِنَةٌ.. ثُمَّ فُرسٌ وَرُومٌ
وشَعبُ رُعاةٍ أَباحَ الخَنَا...
أَتَى مِثْلَ كُلِّ الغُزاةِ
فَلَم يَبْقَ صَرْحٌ لَهُ أَو بِنَا
ومازالَ (كَنْعانُ) في دارِهِ
مُقِيْماً يَصُدُّ القَنا بِالقَنا
وَيَأْتِيْ زَمَانٌ زَها بِالعُلومِ
وَبِالفِكْرِ كَمْ جَاوَزَ المُمْكِنا
لِيَرجِعَ قَومٌ بِوهْمٍ هَزِيْلٍ
كَأَنَّ بِهِمْ مَرَضَاً مُزْمِنا
يَلُمُّونَ شَمْلَ يَهودٍ تَلاشَوْا
وَذابُو بِكُلِّ شُعُوبِ الدُّنَى
مَلامٍحُ تُنبِئُ عَنْ أَلْفِ عِرقٍ
أَتانا كَما الدَّاءُ مُستَوطِنا
فَعَادَت دِيارُ السَّلامِ التَّلِيدِ
دِيارَ العَداءِ وأَرضَ العَنَا
كَأَنكِ يا(قُدسُ) إِنْ تُسلَبِي
وِشاحَ السَّلامِ يَحِلَّ الفَنا
بِكُلٍِ البِلادِ وَكُلِّ العِبادِ
...وتَأْبَى رُبُوعُكِ أَنْ تُسجَنا
كَذا الوعدُ جاءَ بِقُرآنِنا
بِأَنَّا سَنَقهَرَ مَن ساءَنَا
وَيَرجِعُ بَعدَ الغِيابِ المَسيحُ
وَتحمِي الكَنِيسةُ مَسجِدَنا
وَيَحمِي ( قِيامَتَكِ) المُسلمونَ..
وَحَظُّ الغَصوبِ بِأَنْ يُلْعَنَا
فَلا تَيْأَسِي (قُدسُ) كَم عابِرٍ
مَضى مِثلَ وَهْمٍ ونَحنُ هُنَا
سَيَرجِعُ عَهْدُ العُروبَةِ فِيْكِ
وَيَنشُرُ زَيتُونُكِ الأَغْصُنا
....شعر : زياد الجزائري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق