انا لم اتغير
لم تغير الايام جوهري
مازلت ذاك الفتى
اليافع المراهق الذي لم تغيره
السنين
نعم بالعقد الخامس من عمري
وتغير لون شعري
بعد ان كساه الشيب
وتغيرت بعض من ملامحي
ولكني مازلت
يحيى ارشيدات
ولن تغيرني السنين
ذاك الاسمر الوسيم
كاتب الكلمة وعازف الناي
الذي كتب الحرف باللحن
وترددت كلماتي نغمات
على كل المقامات
ما زال الامس البعيد كاليوم
وصيف سنوات مرت
كأنه ليلة البارحة
اذكر ذاك الكاسيت
الذي سجلت علية معزوفات ناي
تخصني
فتلك النغمات
كانت ترافق كلماتي دائما
كنت ارتجل الكلمات العامية
وسط عتمات الليل
واصدقائي واخوتي كانوا كل ليلة يجالسوني
ليسمعوا كل جديد كان في
جعبة كلماتي
فكان كل واحد منهم له قصته
وكنت ادقق بآنفعالاتهم
واعرف متى اؤجج مشاعرهم
واشواقهم
لم اكن ادري بانه كان زائرين
لأمسيتي المعتادة
ولم الحظهم
لم اكن اعلم بأن كلماتي كانت
اكثر وقعا على انفسهم
هي محض صدفة
صدفة كانت قد كشفت المستور
كانت شهقة من حنجرة فتاة
كانت كل ليلة تقف
على نافذة غرفتها
تستمع لترانيم نيسان
وحروف حزيران
كانت زائرتي كل ليلة
هي وكل جاراتنا
هن كن زائرات العتمة
المستمعات الصامتات
ولولا شهقة تلك الفتاة
ما علم بهن احد
كنت مسافر العتمات
اطرق نوافذ القلوب وادخلها
دونما استئذان
ابكيت الكثيرين بأبجدياتي
واسعدت ايضا الكثيرين ايضا
قد اكون مفتقدا لتلك اللحظات
والتي ما زالت محفورة بذاكرتي
احن كثيرا الى روح المراهق الذي
ما زال يسكن في داخلي
مازال مراوغا لا يهدأ
واحن الى تلك الصور التي قد تكون غيرت القليل من مسار حياتي
وقد تكون هناك صورة هي الاصل
من بين كل الصور
الصورة التي تقف عندها
عقارب ساعتي الزمنية
انا لم اتغير
ولكن هموم الحياة
هي التي غيرت من ملامحنا
ولم تغير بما في دواخلنا
التعب وضنك العيش
قد يكون لهم الفضل بتغيير مسار ابجدياتي
التي تحكي همومي وواقع الحياة
التي نعيشها
كنت وكلما اردت البوح
بما في صدري
كان يخرج بوحا عطرا
يملأ الكون بشذاه
بوحا يطرب الروح
البوح هو البوح
ولكنه اليوم يخرج مهزوزا
مزج بالخوف والتردد
غلبت على ملامحه اوجاع السنين
انا لم اتغير
ولكن اعباء المسؤولية كبيرة
وكل شيئ يجب ان يكون
في مكانه الصحيح
الكلمة مسؤولية كبيرة وعظيمة
وانا ان تحدثت
فإني اتحدث بعفوية ابن العشرين
ولكن بعقلية الناضج
ابن العقد الخامس من عمره
قد يكون بالحرف دمعة مدفونة
وقد يكون بالكلمة وجع سنين طوال
الدمعة اصبحت قريبة
وقريبة جدا
لا يمكن السيطرة عليها
والغصة دائما تكون بالنجوى
والاشتياق
أعزاؤنا كثيرون
ونفتقد للكثيرين
الذين غادرونا ورحلوا
ونفتقد ايضا للذين مكانهم
بين نبضات عروقنا
نشتاقهم وهم معنا وبيننا
حروفنا سفرائنا الى كل القلوب
التي تنبض بالانسانية
ولا تنتظر المقابل
قد نمر الى مواطن حروف كثيرة
ندخل كطوارق الليل نقرأ ونتمعن
ونخرج بهدوء دون ان يلحظنا احد
لاننا لا نريد ان تفتن علينا حروفنا
وتفضح دموعنا
وكما اسلفت انا لم اتغير
ولكنها السنين
التي
رسمت كل علامات الترقيم
على جسدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق