كنت في سن ماقبل الدراسة حينها
لكن صورة النساء في مصنع المصبرات
مازالت عالقة في ذاكرتي منحوتة فيه
كن يجلسن على مفارش بلاستيكية والماء يجري تحتهم
وكان ضمنهن أمي
ربما المياه بسبب غسل الطماطم قبل رحيها وتصبيرها لتعليبها بعذًذلك
كانت أمي تمسك سكينا تنقي به الخرشوف (وهو القنارية في عاميتنا التونسية)وتقعره بخبرة ودرايةكأحسن مايكون
ثم تضعه بجانبها وكذلك تفعل كل النساء
وكنت أراقبها كل الوقت وهي تعمل وأتكلم معها بصوت خفيض
ولكني لا أتذكرغير ذلك شيئا
أكيد لبثت معها مدة ساعات كثيرة
ولا أدري ماذا أكلت وكيف صبرت ؟
ربما صبرت لأني أحب كثيرا أمي ولأنني متعلقة بها كثيرا
لا أذكر شيئا سوى نساء متربعات على مفارش يسري تحتها الماء وهن يعملن بكد
وتذكرت الآن أنني كنت آكل من ذلك الخرشوف وأمي تبادلني النظر من حين إلى آخر وهي تبتسم لي إبتسامات مشعة يشرق لها وجهها البشوش
كذلك أذكر أبي
كان يعودمن عمله منهكافي المساءات يعمل أعمالا إضافية مختلفةكانت اسرتي وافرة العدد لذلك هو يعمل كثيرافوق طاقته كي لانشكو حرمانا
أتذكر أننا في أيام العطل نأخذ له غداءه أنا وأختي الصغرى
إلى حيث يعمل فيستبقينا للأكل معه بالرغم من أننا تغدينا فنقبل على الأكل بشراهة فلايتذمر
كنا سعداء جدا في كنف والدينا
وفيهما أقول:
بابا ياحبي
وأمي ياعزيزة قلبي
قد مانقلك يابابا نحبك
صعيب تعرف قداش تسوى عندي
ويا أمي قد مانقلك نحبك
صعيب تحسبي المحبة وتعدي
يا بابا وياأمي
حبكم غمر قلبي وخلاني نحب الكل
اللي وفى لعهدي
واللي غدر ودي
واللي عندو بو كيف بابا وام كيفمن امي
محال يتعب في الدنيا
مهما تقسى عليه
تسهال وبلين تعدي
بقلمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق