السبت، 18 ديسمبر 2021

 (لُغَةُ الجَمالِ) 


رَوَّيْتُ قلبِيْ مِنْ غَدِيرِ هَواكِ     وَسَرَيْتِ فِيْ رُوحِي فَكُنتُ شَذاكِ

بَلْ عِشتُ فِيكِ مَواجِعاً وَمَدامِعاً  حَتَّى غَدَت شَكوايَ مِن شَكواكِ

تَيَّمتِني  حُبَّاً  فَصُنتُكِ  عاشِقَاً      ورأَيْتُني  أَهوى   الِّذي   يَهواكِ

وَمَلَأْتُ عَيْنِي مِنْ بَهاكِ فَلَمْ أَجِد    فِي  هَذِهِ  الدُّنيا  كَسِحرِ  بَهاكِ

هَرِمَ الزَّمانُ وَطَرفُهُ لَكِ حاسِدٌ      لِيَقِينِهِ   أَنَّ   الخُلُودَ     صِباكِ

تَحيا النُّفوسُ إِذا حَيِيتِ فَإِنْ تَمُت  تَبْقَيْنَ.... فَالرَّحمنُ  قَد أَحياكِ

ياطِيبَ ماأَبْدَعتِ في شَفَتَيَّي مِنْ    دُرَرٍ  وَما أَيقَظتِ  مِنْ  إِدراكِ

أَقتاتُ مِنْكِ إِذا الرِّياضُ تَجَرَّدَت    وَإِذا الرَّبِيعَ ذَوى قَطَفتُ جَناكِ

أَفدِيكِ مِن حِقدِ اللِّئامِ وكَيْدِهِم     ماضاقَ عَن سَعَةِ الحَياةِ مَداكِ

بَلْ هُمْ تَضِيْقُ  نُفوسُهُمْ  وَعُقولُهُمْ  عَنْ رَحبِ ماتُؤوينَ مِنْ أَفْلاكِ

أَنْتِ البِحارُ ...صَفاؤُها  وَفَضاؤُها    وكُنوزُها...والفَنُّ  مِلءُ  رُؤاكِ

أَنْتِ الجِنانُ ..وُرودُها  وَعُيونُهَا     وَطُيورُها ..وعَبِيرُها   يَغْشاكِ

مَنْ ذَاقَ مِنْكِ عُذوبَةً لَمْ يَرتَشفْ     مِنْ أَيِّ   كَأسٍ أُترِعَت بِسِواكِ

نَزَلَت بِكِ الآياتُ ثُمَّ   تَبَوَّأَت        عَرشَ القُلوبِ فَأَشرَقَت بِسَناكِ

وَبَزَغْتِ بِالتَّوحِيدِ بَعدَ  تَخَبُّطٍ       لِلْفِكْرِ  بَيْنَ  الوَهْمِ    والإِشراكِ

كُنْتِ الهُدى مِلء المَدى  تَيَّاهَةً  بِالحُسنِ  ..والأَمْجادُ رَجْعُ صَداكِ

لم يَدرِ   ماالإعجازَ   إِلاّ  ذَائِقٌ        لِنَفائِسِ  الأَسرارِ  فِي  مَغزَاكِ

كَمْ سادِرٍ فِي الغَيِّ  لاَنَ فُؤادُهُ       مِنْ آيَةٍ  بَهَرَت  وكَمْ    سَفَّاكِ !

كُنْتِ المَرَامَ فَكَيفَ صِرتِ رَمِيَّةً     وَتُرِكتِ  لِلطَعَناتِ   والأَشراكِ

لَو ساءَكِ الأَعداءُ كُنْتِ عَذَرتِهِمْ     لَكِنَّ  بَعضَ   الأَهْلِ  مَنْ  آذاكِ

هَجَروا  جَمالَكِ في الرُّفوفِ مُكَبَّلاً   واثَّاقَلوا  وَرَمَوكِ    بِالإِنْهاكِ

وَطَوَوْا  كُنوزَكِ بَيْنَ أَسفارِ العُلا       وتَلَقَّنواة  الآراءَ  عَنْ   أَفَّاك

ياوَيحَهُمْ جَحَدوا العُروبَةَ قَدرَها   وَأَتَوا  مِنَ  الأَزهارِ  بِالأَشواكِ

وَكَأَنَّما  خُلِقوا لِجَمْعٍ  مَثالِبٍ     وتَخَصَّصوا  في الهَدمِ والإِهلاكِ

لَو لَمْ تَكُونِي غَيْرَ هَمْسِ أَحِبَّةٍ      وَصُداحِ طَيرٍ في الرَّبيعِ كَفاكِ

كَم سامِعٍ لِغِناكِ لَيسَ بِمُعرِبٍ      مازالَ  يَطرَبُ مِن شَجِيِّ غِناكِ

اَسَرَتهُ موسِيقاكِ عِندَ  سَماعِها     وَسَرَت   بِمُهجَتِهِ   بِلا  أَسلاكِ

والحَرفُ كَمْ بَدَعَ الكِتابةَ لَوحَةً     نَفَذت  إلى العَينَينِ  والإِدراكِ

زانَ المَطارِفَ والمَتاحِفَ مُلْهِماً    فَجَلا  الفُنونَ جَمالُهُ    وجَلاكِ

لُغَةَ الجَمالِ رَشَفْتُ مِنكِ عُذوبَةً فَثَمِلْتُ واستَرسَلْتُ في نَجواكِ

لايَدري فِيكِ الحُسنَ غَيْرُ مُتَيَّمٍ    ضَاقَت بِهِ الدُّنْيا فَرامَ  فَضاكِ

قَد رُمْتُ مِنْ كَنْزِ الفَصاحَةِ دُرَّةً  فَرَمَيتُ في شَطِّ البَيانِ شِباكي

فَرَجَعتُ بِالصَّيدِ الضَّئيلِ وَلَمْ اَفُزْ   إِلاّ  بِنَذْرٍ  مِنْ  جَزيلِ  عَطاكِ

ما كُنتُ أُحسِنُ أَنْ أَبُثَّكِ لَوعَتي    وَأَصُوغَ مِنكِ قَصِيدَتي لَولاكِ

      شعر :  زياد الجزائري  ( في اليوم العالمي للغة العربية)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 فن التجاهل  يقولون أن التجاهل نصف السعادة وأنا أقول أن في التجاهل سعادةً كاملةً.. لأن التجاهل لغة العظماء فهو فن لا يقدر عليه إلا ذوي الشخص...